الخميس، 16 سبتمبر 2010

ثابت في بحر هائج!

كثرت الأمواج وهاج البحر...اختبأت الشمس خلف الأفق معلنة انسحابها من معركة أوشكت على البدء. حلّ الظلام ضيف ثقيل بدء بجر عباءته السوداء وراءه...رحبت به نجوم السماء التي أعلنت ظهورها احتفاءاً بقدومه. مشت خلفه الرياح والغيوم تتبع خطاه وقد ملت الانتظار على عتبة الساعة السادسة مساءاً.

هدأ المكان فجأة..حتى سمع للماء صوت. بدأت تلوح الأمواج وتتعالى إلى أن أصبح لوقع صوتها أثراً...يتبع ذاك الأثر هدير مخيف...يعلو ويخفو مابين الفينة والأخرى. استرخى الليل وعدّل جلسته معلناً بدء العّد.

كم من الوقت سيظل وكم من الماء سيحرك ...كم من غيوم ستدمع وكم من آهات ستسمع...آهات ليس لبني بشر وليست منهم. آهات سفن تأخذ صفعات مياه تثور لاستقبال ضيفها...ضيف ثقيل لكنه خفيف...خفيف بالتسلل والحركة...منذ بدأ حضوره يبرز رويداً رويداً في عرض البحر.

ضاقت بهذه السفن أمواج البحار ...أما من مكان آخر لهذه الأمواج أن تنشط؟ سمعنا مذ كنا صغاراً عن كبر البحر وعرضه..لما تنشط هذه الأمواج عند السفن ولماذا تصفعها؟ أهي غاضبة منها أم عليها؟ لماذا لا تدعها وشأنها ...أم تريد من خلال ثورتها أن تنذرها كي ترجع من حيث أتت ولكن تعلمون شيئاً؟ لن تقبل السفن العودة وستكمل مشوارها ولن ترضى الأمواج أن تحيد عنها..ببساطة سنة الحياة هي.

هي معركة إذا وهي سنة البحار وأصل وجودها ولكن ...من هو الثابت ومن هو المتحرك في هذه المعركة...أما آن لهذه المعضلة أن تحل؟

كيف يمكن لنا القول عن متحرك ثابت وعن ثابت متحرك؟ أليست السفن بطبيعة الحال متحركة..تتحرك كيفما تشاء في عرض البحر...ولكن من قال أنها تتحرك؟ أنها ثابتة في البحر و لا تبرح وتدور في فضاءه....أم أن البحار أيضاً ليست ثابتة...نعم هي الأخرى ليست ثابتة ...فإذا من هو الثابت ومن هو المتحرك؟؟؟؟؟

حال البحر والسفن هو حالنا....كثيراً وهمنا أننا ثابتون في حياتنا ولكن نحن متحركون في سكون تام ...سكون خيم على عقلنا وجعلنا نشكر ألبرت أنشتاين وأرسطو عندما أكدوا أن لا شيء على وجه الأرض حقيقة ...بل كذبة نصدقها واعتدنا أن تكون هي الحقيقة...الحقيقة المطلقة هي الله تعالى وحده وكل شيء على وجه البسيطة كذبة فلا الثابت ثابت ولا المتحرك متحرك...


توفيق عثمان- الرياض
31-01-2009 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق